رحلات خطرة وتكية وحيدة.. كيف يقاوم سكان غزة الموت جوعاً تحت الحصار؟
الحرب على غزة
5 دقيقة قراءة
رحلات خطرة وتكية وحيدة.. كيف يقاوم سكان غزة الموت جوعاً تحت الحصار؟تحت نيران الحرب الإسرائيلية المستمرة، يخوض سكان قطاع غزة معركة يومية قاسية هرباً من الجوع الذي بات يهدد حياتهم وسط حصار مشدد منذ مارس/آذار 2024، تسبب في نفاد شبه تام للغذاء.
رحلات خطرة وتكية وحيدة.. كيف يقاوم سكان غزة الموت جوعاً تحت الحصار؟ / AA
7 مايو 2025

وبين تنقُّل محفوف بالمخاطر وتكية وحيدة بالكاد تسدّ الرمق، يحاول أهالي القطاع البقاء على قيد بالحياة، في ظل عجز المؤسسات الدولية عن التدخل ومنع دخول المساعدات الإنسانية.

رحلات الموت من أجل رغيف

ومع القيود المفروضة على حركة المركبات، يضطر السكان إلى قطع مسافات طويلة بين شمال القطاع وجنوبه في رحلات يحفها الموت عبر طرق مستهدفة بالقصف، سيراً على الأقدام أو بوسائل بدائية كالعربات التي تجرها الدواب و"التوكتوك"، بحثاً عن رغيف خبز.

عبد الحميد، أحد سكان شمال القطاع، يصف رحلته إلى وسط غزة بـ"المجازفة القاتلة"، ويقول: "ننطق بالشهادتين قبل الانطلاق، فالزوارق خلفنا، والدبابات أمامنا، والطيران فوق رؤوسنا، ولا نعلم إن كنا سنعود".

ويضيف أن الطريق الساحلي بات الخيار الوحيد بعدما حظرت إسرائيل حركة المركبات تماماً: "نستعين بالله ونتحرك".

أما المسنة أم إياد اللحام فتقول إنها استخدمت هذا الطريق لأول مرة في حياتها للوصول إلى خان يونس، واصفةً التجربة بأنها "مرهقة وشديدة القسوة، لا سيما على كبار السن والمرضى"، في ظل غياب أي وسائل نقل آمنة أو مريحة.

وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن إسرائيل تتبع سياسة تجويع "متعمدة وبدوافع سياسية" بحق سكان غزة، واصفة هذه الممارسات بـ"القسوة المطلقة".

والسبت، بالتزامن مع مرور 60 يوماً على قرار إسرائيل إغلاق كل معابر القطاع الفلسطيني ووقف دخول الإمدادات والمساعدات الغذائية، أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز عن حسرتها تجاه المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة بسبب سياسات التجويع الإسرائيلية، قائلة: "جوعكم عار علينا".

ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، أغلقت إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين، وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية.

أحمد البنا، سائق "التوكتوك” الذي ينقل المواطنين من شمال غزة إلى وسطها، يقول إنّ الرحلات أصبحت مرهقة للمحرك والركاب معاً، ويضيف: "الموتور ضعيف والطريق شاق، نضطر إلى التوقف مراراً لإراحة الركاب. كثير منهم مرهقون، وجوههم منهكة وبعضهم لا يتحدث من شدة الخوف أو التعب، لكن لا خيار أمامهم... يريدون فقط أن يصلوا بأي طريقة".

تكية وحيدة لعشرات آلاف الجوعى

وسط هذا المشهد القاتم، بقيت تكية خيرية وحيدة تعمل على توزيع وجبات بسيطة، وغالباً ما تفتقر إلى اللحم أو المواد الغذائية الأساسية، ولكنها تمثل أملاً ضئيلاً في حياة أهل القطاع الذين تقطعت بهم السبل.

في قلب تل الزعتر بمخيم جباليا شمالي القطاع، وبين غبار الحرب والحصار الخانق، يتجمع الآلاف من الفلسطينيين يومياً حول هذه "التكية الخيرية"، في وقت أصبح فيه الحصول على لقمة العيش أمراً شبه مستحيل.

تحت أنظار مشبعة بالجوع، يراقب الكبار والصغار القدور الكبيرة التي يُعَدّ فيها الحساء البسيط على أيدي متطوعين منهكين، في ظل دعم محدود من جمعية خيرية.

ومع توافد أعداد هائلة من المحتاجين، لم تعُد الكميات المتوفرة من الطعام كافية لإطعام الجميع، ما يزيد عمق الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع.

داخل الحشود، كانت الطفلة ماريا عواجة (10 سنوات) تبرز بانتظارها الطويل للحصول على وجبة من الحساء بعد ثلاث ساعات من الانتظار. تقول ماريا: "نأكل وجبة واحدة في اليوم، لا يوجد طحين ولا طعام بسبب إغلاق المعابر. أرجو أن يدخل الطعام والغاز وأن تتوقف الحرب".

وقال المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش، إنّ 91% من سكان القطاع يعانون من "أزمة غذائية"، وأضاف في تصريحات إعلامية أن "غزة تعيش مأساة إنسانية مروعة تجمع بين الجوع والفقر والمرض، نتيجة الإبادة والحصار الإسرائيلي الخانق من خلال إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات".

السيدة أم ياسر التتر جاءت إلى التكية لتأخذ طعاماً تسدّ به جوع أفراد أسرتها البالغ عددهم 18 شخصاً، بعد أن عانت أسرتها ويلات النزوح والحرب، وتقول بصوت متعب: "الناس تموت من الجوع، والدول تكتفي بالمشاهدة. نريد وقف إطلاق النار".

وتضيف أن أسرتها لا تحصل إلا على وجبة واحدة يومياً، وفي كثير من الأيام تجد نفسها غير قادرة على توفير حتى تلك الوجبة.

المجاعة باتت جزءاً من الحياة اليومية

ياسر شاهين، أحد سكان المخيم، يقول إنّ المجاعة باتت جزءاً من الحياة اليومية، وإنّ "البيوت فارغة، وإذا توفرت المواد الغذائية في الأسواق فأسعارها مرتفعة ولا توجد فرص عمل". وأضاف أنه يأتي إلى التكية الخيرية منذ الساعة السابعة صباحاً للحصول على قليل من الحساء أو المعكرونة، موضحاً أن عائلته تكتفي بوجبة واحدة فقط يومياً.

ويبين ياسر أن الطعام يُطهى في التكية باستخدام القماش والنايلون بدلاً من الغاز، لانعدام الوقود بسبب الحصار.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الخميس الماضي، أن القطاع دخل "مرحلة متقدمة من المجاعة" بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر. وأكدت البيانات الصادرة عن البنك الدولي أن الفلسطينيين في غزة، الذين يقدَّر عددهم بنحو 2.4 مليون نسمة، يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية بعد أن حوّلتهم الحرب المستمرة إلى فقراء.

من جانبه، انتقد ينس ليركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، المسؤولين الإسرائيليين، مشيراً إلى محاولتهم المتعمدة استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط ضد الفلسطينيين. 

وقال ليركه في المؤتمر الصحفي الأسبوعي لمكتب الأمم المتحدة في جنيف، أمس الثلاثاء، إنّ قطاع غزة لم يحصل على مساعدات إنسانية منذ أكثر من شهرين.

 وأضاف أن الاحتلال يخطط لتسليم المساعدات للفلسطينيين وفق شروط يحددها الجيش الإسرائيلي، في حال أعيد فتح معابر القطاع.

وأكد رفض الأمم المتحدة لهذه الخطة الإسرائيلية، قائلاً: "ما يُعرض على وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني يتعارض تماماً مع الاحتياجات الإنسانية، ويبدو كأنه مصمم لزيادة السيطرة على الإمدادات وتقييدها، وهذا يُعتبر محاولة متعمدة لتحويل المساعدات الإنسانية إلى سلاح".

وفي نهاية أبريل/نيسان، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة. 

مصدر:TRT ARABI
اكتشف
بعد طلب هولندا مراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية-الإسرائيلية.. باريس: أمر مشروع ندعو لمدارسته
النرويج تنهي استثماراتها في شركة "باز" الإسرائيلية لدعمها المستوطنات بالضفة
جيش الاحتلال يهدم منزلًا في جنوبي الضفة الغربية ويواصل عدوانه في طولكرم.. ووفاة أسيرة سابقة
ويتكوف يصل إلى إسرائيل.. وعائلات الأسرى في غزة تطالب باتفاق خلال 24 ساعة
القسام تعلن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر اليوم
إسرائيل تُصدق على استئناف تسوية الأراضي في الضفة الغربية وسط رفض فلسطيني واسع
بعد محادثات ليومين.. اتفاق صيني-أمريكي بشأن الرسوم الجمركية
جماعة الحوثي تعلن أن طيراناً إسرائيلياً شنّ سلسلة غارات على محافظة الحُديدة
ترحيب بعزم حماس الإفراج عن ألكسندر.. ونتنياهو يزعم أن الاتفاق بلا  مقابل ومعارضوه يرمونه بالفشل
بعد اتصالات مع واشنطن.. حماس توافق على الإفراج عن الجندي عيدان ألكسندر في إطار جهود وقف إطلاق النار
"قلق من مواصلة البناء".. هيئة البث العبرية: الجيش لم يدمر سوى ربع أنفاق حماس بغزة
زيلينسكي يرى تفكير روسيا بإنهاء الحرب "علامة إيجابية" ويدعو لوقف النار من الغد
بعد جولة خليجية.. روبيو إلى تركيا برفقة ترمب لحضور اجتماع الناتو
الاحتلال يدّعي أنه "سيؤمّن" نقل المساعدات إلى غزة.. وحماس تتهمه بارتكاب "جريمة حرب مركبة"
أردوغان مهنئاً بعيد الأم: لا نستطيع رد جميلهن
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us