وأشار أردوغان إلى أن أولى القمم الحكومية بين تركيا وإيطاليا انعقدت عام 2008 ما ساهم بتعزيز العلاقات السياسية متعددة الأبعاد بين البلدين، وتحقيق تقدم ملحوظ في المجال الاقتصادي خلال السنوات الماضية. وشدد على الدور الكبير الذي لعبه رجال الأعمال في هذا النجاح، معرباً عن ثقته بأن هذه الشراكة ستنتقل إلى مستويات أعلى في المستقبل.

ولفت الرئيس التركي إلى التصعيد بين بعض الدول بسبب الرسوم الجمركية الأخيرة، معرباً عن ثقته بتجاوز بلاده هذه الأزمة وتحويلها إلى فرصة لصالح الاقتصاد التركي. وأضاف أن الموقع الجغرافي لتركيا الذي يربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، يعزز من أهمية بناء شراكات اقتصادية وتجارية فعالة إقليمياً وعالمياً.

وأوضح أن تركيا حققت رقماً قياسياً في الصادرات العام الماضي بـ262 مليار دولار، كما حطمت صادرات الصناعات الدفاعية التركية رقماً قياسياً بـ7 مليار و154 مليون دولار. وأضاف أن العلاقات التجارية مع إيطاليا شهدت نمواً كبيراً منذ جائحة كورونا، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري من 17.3 مليار دولار عام 2020 إلى أكثر من 32 مليار دولار في 2024.

ودعا الشركات الإيطالية لزيادة الاستثمار في تركيا، إذ قال: "يتعين على الشركات الإيطالية أن تنظر إلى تركيا على أنها بوابة الانفتاح على آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا، كما تنظر الشركات التركية لإيطاليا على أنها بوابة الانفتاح على أوروبا".

بيان مشترك يؤكد استمرار التعاون

في سياق متصل، أكدت تركيا وإيطاليا الثلاثاء، استمرار التعاون والتنسيق بين البلدين في الملفات الإقليمية والدولية والتوافق على العديد من القضايا.

وأوضح بيان مشترك صادر عن البلدين عقب اجتماع القمة الحكومية الرابعة بين تركيا وإيطاليا، في العاصمة روما، حسب دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، أنه بصفتهم حلفاء في الناتو وشركاء في مجموعة العشرين، ستواصل تركيا وإيطاليا التعاون الوثيق والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية.

وأضاف أن تركيا وإيطاليا تسهمان بشكل مهم في السلام والاستقرار الدوليين في أوروبا وخارجها، مبيناً أن الطرفين يهدفان إلى تعزيز التعاون بينهما من خلال المشاورات المنتظمة على جميع المستويات.

وأردف أن القمة انعقدت في فترة تشهد تطورات إقليمية وعالمية مهمة، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، وبنية الأمن الأوروبي، والتجارة الدولية، إلى جانب تحديات مستمرة مثل الوضع الإنساني الخطير في غزة، والهجرة غير النظامية، وتغير المناخ، التي تتطلب استجابة متسقة وتعاوناً فعالاً.

وأكد الطرفان توافقهما على عقد القمة الحكومية المشتركة بانتظام، كما جددا اتفاقهما على عقد القمة الخامسة في تركيا. وأقر الطرفان بمساهمة تركيا في استقرار وازدهار القارة الأوروبية بأكملها، كما شددا على أهمية تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، مع مراعاة وضع تركيا كدولة مرشحة لعضوية التكتل.

واتفق الطرفان على تنسيق الجهود لتحقيق نتائج ملموسة في مجالات رئيسية مثل تسريع الحوار إزاء إلغاء التأشيرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وتجديد التعاون في مجال الهجرة، وتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب. كما أشار الطرفان إلى الحاجة الملحة لتحديث الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي، لما فيه من منافع محتملة لكلا الطرفين.

التجارة والصناعة

وشدد البيان على التزام الطرفين تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة وتحديد وتنفيذ نهج جديد لتعزيز ذلك.

ورحب الطرفان بتجاوز حجم التجارة الثنائية للهدف المشترك البالغ 30 مليار دولار في عام 2024، ووضع هدف جديد متوسط المدى يتمثل في بلوغ حجم تجارة يبلغ 40 مليار دولار.

وقرر الطرفان عقد الاجتماع الثالث للجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة (JETCO) في تركيا خلال الربع الأخير من 2025.

كما اتفق الجانبان على دعم متبادل للاستثمار المباشر، والتعاون في الصناعة، والتكنولوجيا المتقدمة، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي.

مجال النقل

أكد البلدان أهمية ممرات النقل في سلاسل التوريد العالمية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واتفقا على تعزيز التعاون في الملاحة البحرية والنقل البري والطيران المدني.

ولفت الطرفان إلى المشاريع المشتركة الناجحة التي نفذتها شركات الصناعات الدفاعية التركية والإيطالية في السنوات الأخيرة، وإلى الإرادة السياسية لتعزيز هذا التعاون.

واتفقا على أن قطاع الدفاع يلعب دوراً محورياً في العلاقات الحالية والمستقبلية، وسيواصلان تقوية الحوار والتعاون في هذا القطاع.

وفي هذا السياق، قرر الطرفان تنظيم الاجتماع الرابع عشر للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية في عام 2025، وإجراء زيارات متبادلة رفيعة المستوى واجتماعات تقنية لرفع مستوى العلاقات الدفاعية الثنائية لتكون نموذجاً يُحتذى بين الحلفاء.

وجدد الطرفان التزامهما تطوير التعاون في مجال الصناعات الدفاعية ضمن حلف الناتو، ودعم الجهود المشتركة نحو صناعة دفاع أوروبية أقوى.

الأمن

أعرب الطرفان عن ترحيبهما بالزخم المكتسب في التعاون الثنائي لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وجددا التزامهما تعزيز التعاون، بخاصة في معالجة الروابط بين الجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب.

كما قرر الطرفان تعزيز الحوار والتعاون بهدف تحديد وتقييم التهديدات المشتركة والتحديات الأمنية، وتطوير المبادرات والإجراءات المشتركة، وتبادل الأساليب والخبرات لمنع أخطر أنواع الجرائم، بما في ذلك الإرهاب، الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والجرائم الإلكترونية.

وأشار البيان إلى أن الطرفين قررا تنسيق الجهود لتعزيز التعاون القضائي في إطار اتفاقيات مجلس أوروبا التي وقّعت عليها كلتا الدولتين، وبخاصة في مجالات تسليم المجرمين، وحماية الأطفال.

الثقافة والعلوم والشباب والرياضة

أكد الطرفان عزمهما على تعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في مجالات الثقافة والعلوم والشباب والفن والتعليم الموسيقي والرقص والابتكار، والأرشيفات، استناداً إلى اتفاقية الثقافة الموقعة في عام 1951.

كما أقر الطرفان بالدور المهم الذي تلعبه الرياضة والنزاهة الرياضية في دعم التنمية الشخصية والاندماج الاجتماعي والنمو المستدام، بما في ذلك لذوي الإعاقة، وأكدا عزمهما على دعم الأنشطة الترويجية للسياحة، لما لها من دور في تعزيز التفاعل بين الشعوب.

الطاقة والبيئة

أكدت تركيا وإيطاليا الأهمية الاستراتيجية للممر الجنوبي للغاز في سياق تعزيز أمن إمدادات الطاقة وتنويع الموارد، حسب البيان، مبيناً أن الطرفين يشيدان بالتعاون الوثيق في هذا المجال.

وشددا على أهمية تعزيز التعاون لضمان أمن سلاسل توريد المعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة نظراً إلي أدوارها الرئيسية في التحول العالمي للطاقة النظيفة.

واتفق الطرفان على تعزيز تعاونهما في مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والبنية التحتية للهيدروجين والغاز الطبيعي، بالنظر إلى الإمكانيات العالية للتعاون في مجال الطاقة النظيفة.

وتعهد الجانبان بتطوير حلول مبتكرة لخفض الانبعاثات والتكيف مع آثار تغير المناخ، بما يتماشى مع أهداف اتفاق باريس.

التعاون بالمحافل الدولية وملف الهجرة

أكد الطرفان عزمهما على مواصلة الحوار الاستراتيجي المنتظم بهدف المساهمة في السلام والأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى المساهمة في تعددية مركزها بالأمم المتحدة.

كما شدّد الجانبان على أهمية التعاون في دعم السلام والاستقرار في الدول، على أساس احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها، وتعزيز علاقات حسن الجوار، والتنمية الاقتصادية، فضلاً عن تعزيز الترابط الإقليمي.

وبحث الطرفان مسألة الهجرة غير النظامية مؤكدَّين أهمية التعاون الدولي لمكافحتها، واتفقا على ضرورة اتباع نهج يوفّر قنوات منتظمة للهجرة ويعمل على تنويعها، مع الأخذ بالاعتبار الحلول المبتكرة، وفي الوقت نفسه معالجة الأسباب الجذرية للهجرة.

وشدد الجانبان على عزمهما مواصلة المساهمة في مكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر بشكل متواصل وبنهج يحترم القانون الدولي والكرامة الإنسانية.

مكافحة التعصب الديني

وجاء في البيان أن الطرفين أكدا إرادتهما للتعاون في ضوء هدف تحقيق مكافحة فعالة لجميع أشكال ومظاهر التعصب وكراهية الأجانب والتمييز على أساس الدين أو المعتقد.

وأشار إلى أن الجانبين شددا على أهمية تسوية الخلافات المتعلقة بالحدود البحرية من خلال حلول قائمة على مبدأ الإنصاف، وعلى أساس القانون الدولي، وعن طريق الاتفاق.

ملف أوكرانيا وليبيا وسوريا

أكد الطرفان الدعم الراسخ لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها، وأعربا عن عزمهما على مواصلة الجهود لإحلال سلام عادل ودائم في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن، وفقاً للبيان.

وتطرق البيان إلى مؤتمر إعادة إعمار أوكرانيا المزمع عقده في روما في يوليو/تموز، مبيناً أن تركيا وإيطاليا اتفقتا على تعزيز التعاون بين ممثلي القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية من أجل زيادة الاستثمارات الثنائية وتشجيع المشاريع الاستثمارية المشتركة المحتملة في إطار إعادة إعمار أوكرانيا.

وجدد البلدان عزمهما على دعم عملية سياسية تُدار بتسهيل من الأمم المتحدة وتقودها ليبيا، بهدف الحفاظ على أمن ليبيا واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ووحدتها السياسية.

وشددا على تمسكهما بوحدة أراضي سوريا وسيادتها ووحدتها، وعلى أهمية ضمان عدم استخدام الأراضي السورية كمصدر تهديد للمنطقة وما وراءها.

الطرفان شددا على أهمية عملية سياسية شاملة تؤدي إلى قيام دولة يتمتع فيها كل فرد من مكونات المجتمع في سوريا بالأمن والسلامة، ويستفيد من حقوقه القائمة على المواطنة الدستوري.

الشرق الأوسط

أكد الطرفان عزمهما مواصلة العمل معاً من أجل تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ودعيا إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، والتنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني، والاتفاق على إطلاق سراح وتبادل الأسرى والمحتجزين، بهدف وقف إراقة الدماء بشكل دائم، وتقديم المساعدات الإنسانية دون انقطاع، وبدء عملية الانتعاش وإعادة الإعمار.

وذكر البيان أن الجانبين أكدا تأييدهما لحل الدولتين الذي يتضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل، وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة أنقرة، مساء الثلاثاء، عائداً من إيطاليا، عقب مشاركته باجتماع القمة الحكومية الرابعة بين البلدين، وكان في استقباله في مطار أسنبوغا الدولي بأنقرة عدد من المسؤولين الأتراك.

ورافق أردوغان في الزيارة كل من وزراء الخارجية هاكان فيدان، والأسرة والخدمات الاجتماعية ماهينور غوكطاش، والشباب والرياضة عثمان أشقن باق، والثقافة والسياحة محمد نوري أرصوي، والدفاع يشار غولر، والصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح كاجر، والتجارة عمر بولاط.

كما ضم الوفد رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألطون، ومستشار الرئيس للشؤون الخارجية والأمنية عاكف تشاغطاي قليج، ورئيس هيئة الصناعات الدفاعية التابعة للرئاسة خلوق غورغن.