وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، أوضح بدر أن إعادة تأهيل شبكات الطرق والسكك الحديدية وربطها مجدداً بالدول المجاورة، وعلى رأسها تركيا والعراق ولبنان والأردن، تمثل أولوية استراتيجية لقطاع النقل.
وقال إن "عملية التحول في هذا القطاع ليست قصيرة الأمد، بل تحتاج إلى صبر وتخطيط منهجي"، مشيراً إلى أن المواطنين سيبدؤون ملاحظة نتائج ملموسة خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وتطرّق الوزير إلى مشاريع مستقبلية قيد الدراسة، أبرزها مشروع مترو دمشق، إضافةً إلى خطط الوزارة للتحول الرقمي، وتحديث الخدمات المقدمة للمواطنين، خصوصاً في مجالات تسجيل المركبات ونقل الملكية، وهي خدمات توقفت منذ شهور وتسعى الوزارة إلى إعادة تفعيلها قريباً.
وأوضح بدر أن الوزارة تعمل على تجاوز العقبات الفنية والتشريعية التي تعرقل سير الإجراءات الإدارية، قائلاً: "لا يُعقَل أن تظل الضرائب المفروضة على المركبات مرتفعة بهذا الشكل، رغم تراجع قيمتها السوقية. لذا شكَّلنا فريقاً فنياً وقانونياً لإعادة تقييم المنظومة الضريبية، ونتجه إلى إصدار التعديلات اللازمة، سواء عبر قرارات وزارية أو مراسيم رئاسية".
وأشار إلى أن الوزارة تراهن على تحقيق نقلة نوعية في خدمات النقل خلال الأشهر المقبلة، عبر استقطاب استثمارات نوعية، وتحقيق تحول رقمي واسع يسهم في تخفيف العبء عن المواطنين وتسريع الإجراءات.
نظام السكك الحديدية مشلول بالكامل
قال وزير النقل السوري إن قطاع النقل في سوريا تعرّض لأضرار جسيمة نتيجة الحرب، مشيراً إلى أن أكثر من نصف شبكة السكك الحديدية باتت خارج الخدمة.
وأوضح أن "سوريا تمتلك شبكة سكك حديدية بطول 2850 كيلومتراً، لكن نحو 1500 كيلومتر منها غير صالحة للاستخدام بسبب التدمير والسرقة والأضرار التي لحقت بالقاطرات والعربات".
ورغم هذه التحديات، أكد بدر أن الوزارة تطمح إلى بناء منظومة نقل حديثة وصديقة للبيئة تعتمد على القطارات السريعة والرقمنة، ضمن رؤية استراتيجية يقودها الرئيس أحمد الشرع.
وأضاف: "نظام السكك الحديدية الحالي مشلول تماماً، لكننا نعمل على استعادة الحياة فيه تدريجياً، بواقعية وصبر. إصلاح هذا القطاع من الصفر قد يستغرق خمس سنوات، لكننا نحرص على إحراز تقدم سريع في ملفات مثل النقل داخل المدن وتنظيم حركة الشحن".
وأشار الوزير إلى أن إعادة فتح خطوط النقل البري والسكك الحديدية مع دول الجوار -تركيا والعراق ولبنان والأردن- تمثل أولوية استراتيجية في المرحلة المقبلة، لافتاً إلى أهمية زيارة وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، دمشق في أبريل/نيسان الماضي، التي وصفها بـ"المنعطف المهم". وذكر أن وفداً تقنياً تركياً زار مدينتَي حلب ودمشق لإجراء معاينات ميدانية تمهيداً للتعاون الفني.
في هذا السياق، دعا بدر شركات تصنيع الحافلات التركية إلى الاستثمار داخل سوريا، قائلاً: "دعُونا نبنِ صناعة الحافلات معاً هنا في سوريا. نحن مستعدون لتقديم جميع التسهيلات المطلوبة للمستثمرين الجادين".
وفي ما يتعلق بخطط الوزارة في مجال التحول الرقمي، كشف بدر عن أن عملية الرقمنة ستنطلق خلال ثلاثة أشهر، على أن تظهر نتائجها خلال عام. وبيّن أن تعزيز خدمات النقل داخل المدن يمثل أولوية قصوى، موضحاً أن الوزارة ستشغّل قريباً 50 حافلة منحتها دولة صديقة لدعم منظومة النقل الداخلي.
التمويل أكبر التحديات
أكد الوزير أن غياب التمويل يشكِّل العقبة الأبرز أمام تنفيذ مشاريع الإصلاح وإعادة الإعمار في قطاع النقل، داعياً القطاعين الخاص المحلي والأجنبي إلى الدخول بقوة في مشاريع الشراكة والاستثمار داخل سوريا. وأوضح أن الوزارة تعمل على توفير بيئة داعمة وجاذبة للمستثمرين، تضمن الاستقرار والحوافز المناسبة.
وأشار بدر إلى الاتفاق الموقَّع بين الحكومة السورية وشركة CMA CGM الفرنسية لتشغيل مرفأ اللاذقية لمدة 30 عاماً، معتبراً إياه نموذجاً ناجحاً يعزز ثقة المستثمرين الدوليين، لا سيما العرب، في فرص الاستثمار في البنية التحتية السورية.
كما لفت إلى أن سوريا لم تنسحب من الاتفاقيات الإقليمية والدولية المرتبطة بحركة الشحن، مثل اتفاقية "إسكوا" ونظام "تير"، بل جرى تعليق تنفيذهما مؤقتاً بسبب الأوضاع الميدانية واللوجيستية. وأكد أن هناك جهوداً حثيثة تُبذل حالياً لإعادة تفعيل هذه الاتفاقيات في أقرب وقت.
وفي ما يتعلق بمشروع مترو دمشق، أوضح الوزير أن المشروع طُرح لأول مرة بين عامي 2009 و2011، لكنه توقف بفعل الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية. وأضاف أن الوزارة تعكف حالياً على تحديث الدراسات الفنية، وإعادة هيكلة المشروع على أساس شراكة مع القطاع الخاص.
ووفقاً لبدر، سيضم مشروع المترو ثلاث محطات مركزية في مناطق القابون، والسومرية، والحجاز، على أن ينطلق الخط من القابون وصولاً إلى ساحة الحجاز، حيث ستُنشأ محطة رئيسية لتبديل القطارات. كما سيجري العمل على تطوير منظومة نقل متكاملة تربط خطوط المترو بشبكات السكك الحديدية القائمة.
واختتم الوزير حديثه بالتأكيد أن إعادة بناء قطاع النقل في سوريا "ليست مهمة قصيرة المدى، بل تتطلب عملاً جماعياً دؤوباً وصبراً واسعاً من الجميع"، مشدداً على ثقته بأن "ثمار هذه الجهود ستبدأ بالظهور قريباً، ليشعر بها المواطن السوري في حياته اليومية".