تواجه المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، تصويتاً هذا الأسبوع في مجلس حقوق الإنسان لتحديد ما إذا كان سيجري تمديد ولايتها حتى عام 2028.
ألبانيز، أستاذة القانون الدولي الإيطالية، والمدافعة الصريحة عن حقوق الفلسطينيين، وثّقت باستمرار جرائم الحرب الإسرائيلية وأعمال الإبادة الجماعية في غزة، ما يجعلها واحدة من أبرز شخصيات الأمم المتحدة وأكثرها شجاعة في ظل حرب الإبادة المتواصلة التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
ولا تمثل إعادة تعيين ألبانيز المحتملة يوم الجمعة مجرد تصويت إجرائي؛ بل هي اختبار حاسم لنزاهة الأمم المتحدة الأخلاقية.
عُيّنت ألبانيز في الأول من مايو/أيار 2022، وشغلت منصب المقرر الخاص لما يقرب من ثلاث سنوات، وهو منصب يُشغل عادةً لفترتين. وبينما يُجرى التعيين الأول بتصويت سري، فإنّ التعيين الثاني يتطلب تصويت أغلبية أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، المؤلف من 47 عضواً.
يقول ريتشارد فالك، سلف ألبانيز وأستاذ القانون الدولي البارز: "خلال سنواتي ألست كممثل خاص لفلسطين المحتلة (2008-2014)، لم أواجه أي حالة عدم تجديد للولاية الثانية".
فالك أوضح لـTRT World أن ألبانيز لطالما أدت عملها "بحماس والتزام كبيرين" حتى مع تعرضها لهجمات لا هوادة فيها، وخاصة من منظمة مراقبة الأمم المتحدة (UN Watch)، وهي منظمة مقرها جنيف متحالفة مع مواقف إسرائيلية. وقد قادت هذه المنظمة حملة ضغط شرسة لمنع إعادة تعيينها، شملت تشويه سمعتها واتهامات بمعاداة السامية.
ورفض فالك، وهو أمريكي يهودي، التهم الموجهة ضدها ووصفها بأنها "تشهيرية تماماً". وأضاف "بمعرفتي الجيدة لفرانشيسكا ألبانيز، أستطيع أن أؤكد أنها شخصية تتمتع بأعلى درجات الأخلاق، وبطلة حقيقية لحقوق الإنسان، وشخصية خالية تماماً من التحيز ضد أي عرق، بما في ذلك بالطبع الشعب اليهودي".
هل يجري إعادة تعيين ألبانيز؟
تعتبر ألبانيز ولفترة طويلة أحد المسؤولين القلائل في الأمم المتحدة الذين كانوا على استعداد لمواجهة سياسات الاحتلال والفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلية علناً، وخاصة في ظل العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة، والذي اعترف به الخبراء القانونيون والمحاكم الدولية بشكل متزايد على أنه إبادة جماعية.
مع ذلك، لا تزال إعادة تعيينها غير مؤكدة. فقد أعلنت دول مثل هولندا معارضتها لولايتها الثانية، كما أبدى بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي اعتراضات مماثلة. مع ذلك، فإن غياب الولايات المتحدة عن مجلس حقوق الإنسان هذا العام يحد من تأثير واشنطن المباشر في التصويت، ما قد يزيد من فرص ألبانيز.
رفض فالك مزاعم انتهاك ألبانيز لقواعد أخلاقيات الأمم المتحدة من خلال السفر المدفوع أو التمويل الخارجي، واصفاً إياها بأنها "غير مقنعة" وجزء من حملة تشويه منسقة. وأشار إلى أن دورها طوعي وغير مدفوع الأجر.
وحذر فالك من أنه إذا لم يجرِ إعادة تعيينها، فإن ذلك لن يشجع جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل فحسب، بل سيزيد من "الإضرار بسمعة الأمم المتحدة".
وقال فالك: "إن ذلك سيمثل رداً عقابياً على اجتهاد ألبانيز وشجاعتها وكفاءتها الشاملة التي تستحق الثناء والدعم غير المشروط نظراً للظروف المحيطة".
وأضاف أن عملها بشأن الإبادة الجماعية الإسرائيلية "بحثٌ دقيقٌ ومُقدَّمٌ وفقاً لأعلى المعايير العلمية، ونوقش على نطاق واسع في وسائل الإعلام والتجمعات الأكاديمية. بدلاً من إخضاع تعيينها لتدقيقٍ خاص، ينبغي الاحتفاء بأدائها".
ألبانيز.. الوعي الأخلاقي للإنسانية
صراحة الأكاديمية الإيطالية خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة جعلتها رمزاً للمقاومة، ليس فقط داخل الأمم المتحدة، بل في أوساط حقوق الإنسان العالمية.
ورغم محاولات حكومات مثل ألمانيا منعها من التحدث في جامعات مرموقة، فقد وجدت منابر أخرى لفضح ما تصفه بكل وضوح بأنه "إبادة جماعية علنية".
ويؤكد فالك بأن عمل ألبانيز "حفّز الضمير الأخلاقي للعالم"، إذ وثّق الجرائم الإسرائيلية بطرق تتجاوز بكثير الدوائر القانونية.
كما دعا فالك إلى إصلاح شامل للأمم المتحدة، بما في ذلك الحد من حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن -الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين- وتمكين الجمعية العامة.
وفي حال خضعت لجنة حقوق الإنسان للضغوط السياسية وحرمت ألبانيز من ولاية ثانية، فإن "هذا من شأنه أن يثني العديد من الأشخاص ذوي الضمير عن تولي هذه المناصب الطوعية التي لا يجري تعويضها ولا عزلها عن تداعيات الجغرافيا السياسية"، كما يوضح فالك.