الحرب على غزة
9 دقيقة قراءة
من السويس إلى غزة.. محطات في الخلافات الأمريكية-الإسرائيلية
مع انتهاك الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة، قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تأييداً مطلقاً لإسرائيل بذريعة أنها "تخوض حرباً ضد الإرهاب"، مع تكراره الخطاب التقليدي حول "حق الدفاع عن النفس".
من السويس إلى غزة.. محطات في الخلافات الأمريكية-الإسرائيلية
رضخت الإدارات الأمريكية مرارا لتل أبيب على خلفية الحسابات السياسة الداخلية، ما جعل إسرائيل فاعلًا قادرًا عادة على تحييد الضغط الرئاسي. / Reuters
24 مايو 2025

وبدا هذا متسقاً مع الخط العام لليمين الجمهوري الذي يرى في إسرائيل حصناً متقدماً للحضارة الغربية، بل ويدعمها كذلك لأسباب أيديولوجية ودينية عبر عنها بيت هيغسيث وزير الدفاع الأمريكي في كتابه "الحملة الصليبية الأمريكية: نضالنا من أجل البقاء أحراراً" قائلاً: "إذا كنت تحب أمريكا، فعليك أن تحب إسرائيل.. الله يقف مع شعب إسرائيل ضد أعدائهم، ويبارك من يبارك إسرائيل كما ورد في سفر التكوين".

لكن هذا الدعم المطلق بدأت تشوبه شوائب، فبين نفي الرئيس الأمريكي ترمب وجود توتر في علاقته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، والتقارير الصحفية التي تشير إلى وصول العلاقة بينهما إلى أدنى مستوياتها، تبرز وقائع تجسد التباين بين الرجلين في عدة ملفات.

فترمب الذي يحاول أن يظهر بمظهر الزعيم القوي في تمايز عن بايدن الذي يتهمه بالعجز عن ضبط الشرق الأوسط، أقدم على عقد اتفاق مع جماعة الحوثي في اليمن يقضي بوقف الغارات الأمريكية في اليمن مقابل وقف الحوثيين هجماتهم ضد السفن الأمريكية، ودون تضمين إسرائيل في الاتفاق. 

كذلك جلب ترمب نتنياهو إلى جواره في البيت الأبيض ليعلن في حضوره انخراط بلاده في مفاوضات مع إيران بخصوص الملف النووي، ثم تبع ذلك بإقالة مستشاره للأمن القومي مايك والتز على خلفية تنسيقه مع نتنياهو للدفع باتجاه توجيه ضربة عسكرية لإيران.

وأخيراً خاض ويتكوف، المبعوث الرئاسي، مباحثات مباشرة مع قادة حركة حماس في الدوحة لإطلاق سراح الجندي الأمريكي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر قبيل زيارة ترمب للخليج، كبادرة حسن نية مقابل التعهد بالضغط على تل أبيب لإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة. وتعيد تلك التطورات للواجهة تاريخ التباينات في العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية.

تصورات متباينة تنتج خلافات

في قلب السياسة الأمريكية الخارجية، تشكل العلاقة مع إسرائيل حالة استثنائية تتجاوز التصنيفات التقليدية للتحالفات. فهي ليست علاقة بين دولتين فحسب، بل بين بنى مؤسساتية متداخلة مع استصحاب هوية حضارية وتراث مُشترَكين.

ورغم الصورة الراسخة عن تحالف استراتيجي راسخ بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن العلاقات الثنائية مرت بعدد من الخلافات، بعضها كان حاداً إلى حد التهديد بقطع الدعم أو حدوث مواجهة دبلوماسية. وانبثقت هذه الخلافات عن تصورات متباينة حول الأمن، النفوذ الإقليمي، وتوازن العلاقات مع العالم العربي.

تبرز خمس قضايا خلافية، تناول دينيس روس، المنسق الخاص لشؤون الشرق الأوسط في عهدي بوش الأب وبيل كلينتون، ومستشار معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى التابع لإيباك، وأحد مهندسي اتفاق أوسلو، أربعة منها في كتابه "محكومٌ عليها بالنجاح: العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية من ترومان إلى أوباما"، الذي تطرق خلاله إلى العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل عبر 11 رئيساً أمريكياً من هاري ترومان حتى باراك أوباما، وحلل كيف تغيرت الرؤية الأمريكية لإسرائيل بناءً على تحولات داخلية وخارجية، كما تطرق إلى مدى قدرة إسرائيل على توظيف تأثيرها السياسي ونفوذها في الكونجرس لتعديل السلوك الرئاسي الأمريكي تجاهها.

أولاً: أزمة حرب السويس واختبار الولاء

في عام 1956، تعاونت إسرائيل مع بريطانيا وفرنسا في شنّ عدوان ثلاثي على مصر بعد قرار الرئيس الراحل عبد الناصر تأميم قناة السويس. وهو ما أغضب إدارة أيزنهاور التي اعتبرت الحرب تحدياً لدور واشنطن القيادي في النظام العالمي.

ففيما نظرت تل أبيب لعبد الناصر كتهديد وجودي، واعتبرت أن تحجيم قوته العسكرية والسياسية ضرورة استراتيجية، واعتمدت في تحقيق ذلك على تحالفها مع لندن وباريس، رأت واشنطن في المقابل أن أولويتها تتمثل في الحفاظ على نظام دولي جديد يحتكر استخدام القوة، مما يتطلب الإقرار بتراجع الدور البريطاني والفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية، والعمل على احتواء النفوذ السوفييتي دون إثارة عداء العالم العربي، ولذا ضغط أيزنهاور على الدول المعتدية سياسياً واقتصادياً، وفعّل دور الأمم المتحدة، وأرسل أيزنهاور رسالة خاصة إلى بن غوريون يطلب منه فيها الانسحاب الفوري من سيناء.

ويرى دينيس روس أن الخلاف هنا كشف عن تصادم حقيقي في الرؤية الاستراتيجية، فالولايات المتحدة أرادت بناء نظام دولي منضبط وفق المصالح الأمريكية، وحرصت على وجود حلفاء منضبطين في مشروعها العالمي، بينما تصرفت إسرائيل كقوة إقليمية ناشئة تسعى لحماية مصالحها بوسائل استباقية، حتى لو خالفت الإرادة الأمريكية.

ثانياً: أزمة مفاعل ديمونة

في خريف عام 1960 علمت إدارة أيزنهاور المنتهية ولايتها بمفاعل ديمونة الذي بدأت إسرائيل وفرنسا بناءه سراً في عام 1958. وحذرت وكالة المخابرات المركزية في تقرير -رُفعت عنه السرية في عام 2019- من أن المفاعل سينتج بحلول عام 1963، 90 كيلوغراماً من البلوتينيوم، أي ما يكفي لصنع ما بين 10 و15 سلاحاً نووياً، مما أثار مخاوف من رد فعل العالم العربي.

 ضغط الرئيس الجديد كينيدي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بن غوريون لقبول زيارة خبراء أمريكيين إلى المفاعل، واعتبر أن الزيارة شرطٌ لإقامة علاقات دبلوماسية جيدة بين البلدين، وخلصت الزيارة إلى أن الهدف من المفاعل هو اكتساب الخبرة لتوليد الطاقة للأغراض السلمية. 

لكن زيارة ثانية في عام 1962 أثارت قلق واشنطن، حيث لم يُسمح لخبيرين أمريكيين بزيارة بعض المباني. وقدمت واشنطن طلباً بزيارة المفاعل للتفتيش كل ستة أشهر، مع إمكانية الوصول الكامل إلى المنشآت به، وهو ما تحايل عليه بن غوريون مطالباً بضرورة حماية أمن إسرائيل بضمانات أمنية خارجية مشتركة تُقدّمها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

بعد أخذ ورد، أرسل كينيدي رسالة حازمة صباح 15 يونيو/حزيران قال فيها: "إذا لم تتمكن الحكومة الأمريكية من الحصول على معلومات موثوقة حول حالة مشروع ديمونة، فإن التزام واشنطن تجاه إسرائيل ودعمها قد يصبح مهدداً بشدة"، لكن في ذات اليوم استقال بن غوريون من منصبه لأسباب قال إنها شخصية، بينما قيل إنها للتهرب من ضغوط كينيدي في ما يخص مفاعل ديمونة.

تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد ليفي أشكول رسالة كينيدي، وطلب مزيداً من الوقت لدراسة الموضوع والتشاور، ولاحقاً وافق على تفتيش المفاعل دون التزام زيارتين سنوياً. لكن اغتيال الرئيس كينيدي أزال الموضوع من صلب الاهتمامات الأمريكية، وبالتالي تمكنت إسرائيل من صناعة أسلحتها النووية.

ثالثاً: خلافات الاستيطان في عهد جورج بوش الأب

بعد حرب الخليج الثانية، طلبت حكومة إسحق شامير من الولايات المتحدة ضمانات لقروض بقيمة 10 مليارات دولار لاستيعاب موجة الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفييتي عقب تفككه، وذلك لبناء مساكن جديدة للمستوطنين الجدد وتوفير بنى تحتية ووظائف وتعليم وخدمات صحية.

رفضت إدارة بوش الأب (1989-1993) منح الضمانات دون التزام إسرائيلي عدم استخدام الأموال في بناء مستوطنات في الضفة الغربية أو غزة لتجنب إعطاء ضوء أخضر للتوسع الاستيطاني الذي يقوض مبدأ "الأرض مقابل السلام"، فضلاً عن التزام المضي في عملية السلام مع الفلسطينيين والعرب، وللضغط على إسرائيل لتحجيم حزب الليكود الذي عارض حل الدولتين.

وفي المقابل اعتبرت تل أبيب أن الهجرة السوفييتية تمثل فرصة ديموغرافية يجب استغلالها لتعزيز الهيمنة الصهيونية في فلسطين. فرفض شامير ربط القروض بالاستيطان، واعتبر ذلك تدخلاً في السيادة الإسرائيلية وفي ملفات حساسة مثل الهجرة والتوسع وتوزيع السكان.

لجأ شامير إلى توظيف الكونجرس للضغط على الرئيس بوش، الذي خرج في مؤتمر صحفي شهير عام 1991، معلناً فيه أنه "رجل واحد يواجه ضغوط مئات أفراد اللوبيات على الكونجرس"، وطلب تأجيل النقاش في الكونغرس لمدة 120 يوماً.

وبالفعل تأجل بحث ضمانات القروض إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية التي رسب فيها حزب الليكود، وفاز إسحق رابين وحزب العمل الذي وافق على التفاوض والتجميد الجزئي للاستيطان، لتتم الموافقة على تقديم ضمانات للقروض في عهد رابين.

جسد هذا الخلاف التفاوت بين رئيس أمريكي يريد إدارة توازنات إقليمية شاملة في الشرق الأوسط، ورؤية إسرائيلية تهدف لترسيخ أمر واقع يستعصي على التفاوض، كما أبرز قوة اللوبي الإسرائيلي داخل الكونغرس وقدرته على معارضة البيت الأبيض.

رابعاً: خلافات الملف النووي الإيراني في عهد أوباما

تبنت إدارة أوباما نهجاً واقعياً يقوم على اعتبار إيران لاعباً يمكن احتواؤه عبر الحوافز والعقوبات، وخلال مفاوضاتها حول الاتفاق النووي "2013-2015" عارضت حكومة نتنياهو بشدة الاتفاق، واعتبرته تهديداً استراتيجياً لوجود إسرائيل.

وبلغ الخلاف ذروته عندما ألقى نتنياهو خطاباً في الكونغرس ضد الاتفاق النووي، دون تنسيق مع البيت الأبيض، في محاولة منه لتشكيل المجال السياسي الأمريكي الداخلي بما يخدم استراتيجية إسرائيل الإقليمية.

لقد تقاطع الاتفاق النووي مع أولويات أوباما بخفض التصعيد في الشرق الأوسط لتقليل الوجود العسكري الأمريكي، وإعادة ترتيب أولويات واشنطن للتركيز على آسيا وكبح الصعود الصيني، ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي عبر تسوية دبلوماسية شاملة.

في المقابل، رأت حكومة نتنياهو أن الاتفاق يضفي شرعية على برنامج نووي إيراني يمكن أن يتطور لاحقاً لامتلاك قنابل نووية، كما خشيت من استخدام إيران الأموال الناتجة عن رفع العقوبات لتمويل حزب الله وحماس، واعتبرت أن إدارة أوباما تخلت عن التزامها منع تهديد وجودي مباشر على أمن إسرائيل، وشددت على ضرورة تفكيك القدرات النووية الإيرانية بشكل كامل، وحدوث تغيير جذري في سلوك إيران الإقليمي. 

ولاحقاً نجح نتنياهو في إقناع الرئيس ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي في عام 2018. وحسب روس فإن الخلاف حول الاتفاق النووي مع إيران لم يكن مجرد اختلاف في الوسائل، بل كان نزاعاً على من يمتلك الحق في تعريف "الخطر" وكيفية مواجهته.

خامساً: أزمة الاستيطان في عهد أوباما

في بداية ولايته، طالب أوباما بوقف الاستيطان. ورغم تجميده مؤقتاً من طرف حكومة نتنياهو، استؤنفت المشاريع الاستيطانية بشكل غير رسمي، ما أدى إلى توتر دائم بين الجانبين.

رأت الإدارة الأمريكية أن الاستيطان يقوض حل الدولتين ويزيد العنف، وحمّلت إسرائيل مسؤولية تعطيل جهود السلام، فيما رأت إسرائيل الاستيطان أمراً داخلياً، واعتبر نتنياهو كما قال في مذكراته "أن أوباما تبنى مفهوماً يتناقض بشكل مباشر مع أمن إسرائيل، وهو أن إنشاء دولة فلسطينية يخدم أمن إسرائيل".

وأكد نتنياهو "أن هذه الدولة الفلسطينية ستكون نقطة انطلاق لقوات تسعى لتدمير إسرائيل، وستؤدي إلى تقليص الدولة اليهودية إلى حدود لا يمكن الدفاع عنها". ولذا شدد نتنياهو على عدم العودة إلى حدود عام 1967، وضرورة الاعتراف الفلسطيني العلني بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي.

وأشار روس إلى أن هذا الملف مثّل صداماً بين القيم الليبرالية التي تبنتها إدارة أوباما وبين الواقعية الأمنية الإسرائيلية، التي تُعلي من أهمية الاستيطان والمعطيات الديموغرافية. كما أبرز محدودية الضغط الأمريكي حين لا توجد سياسة إسرائيلية متجاوبة.

منبع الخلافات

تشير النماذج سالفة الذكر إلى أن الخلافات الأمريكية–الإسرائيلية تمحورت حول تباين جوهري في الرؤية الجيو-سياسية، وتأثرت بخلفيات الإدارات الرئاسية في البيت الأبيض. ورغم جهود واشنطن لفرض رؤية كبرى على إسرائيل تتسق مع المصالح الأمريكية، فإن الأخيرة نجحت غالباً في الحد من أثر الخلافات وتجاوز البيت الأبيض بفضل نفوذ اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، خصوصاً داخل الكونغرس، فضلاً عن تحالفها مع البيروقراطية الدفاعية والاستخباراتية الأمريكية، وشراكتها مع الجماعات الإنجيلية التي تنظر لدعم إسرائيل كواجب ديني بغض النظر عن سياسات إسرائيل.

في المجمل، لم تنبع الخلافات بين البلدين من سوء الفهم، بل من تعارض الرؤى حول من يتحكم في مستقبل الشرق الأوسط. فإسرائيل تصر على أن تكون شريكاً مستقلاً فوق مستوى الحلفاء التقليديين، حتى على حساب التنسيق الاستراتيجي، فيما رضخت الإدارات الأمريكية مراراً لتل أبيب على خلفية الحسابات السياسة الداخلية، ما جعل إسرائيل فاعلاً قادراً عادة على تحييد الضغط الرئاسي.

اكتشف
بعد طلب هولندا مراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية-الإسرائيلية.. باريس: أمر مشروع ندعو لمدارسته
النرويج تنهي استثماراتها في شركة "باز" الإسرائيلية لدعمها المستوطنات بالضفة
جيش الاحتلال يهدم منزلًا في جنوبي الضفة الغربية ويواصل عدوانه في طولكرم.. ووفاة أسيرة سابقة
ويتكوف يصل إلى إسرائيل.. وعائلات الأسرى في غزة تطالب باتفاق خلال 24 ساعة
القسام تعلن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر اليوم
إسرائيل تُصدق على استئناف تسوية الأراضي في الضفة الغربية وسط رفض فلسطيني واسع
بعد محادثات ليومين.. اتفاق صيني-أمريكي بشأن الرسوم الجمركية
جماعة الحوثي تعلن أن طيراناً إسرائيلياً شنّ سلسلة غارات على محافظة الحُديدة
ترحيب بعزم حماس الإفراج عن ألكسندر.. ونتنياهو يزعم أن الاتفاق بلا  مقابل ومعارضوه يرمونه بالفشل
بعد اتصالات مع واشنطن.. حماس توافق على الإفراج عن الجندي عيدان ألكسندر في إطار جهود وقف إطلاق النار
"قلق من مواصلة البناء".. هيئة البث العبرية: الجيش لم يدمر سوى ربع أنفاق حماس بغزة
زيلينسكي يرى تفكير روسيا بإنهاء الحرب "علامة إيجابية" ويدعو لوقف النار من الغد
بعد جولة خليجية.. روبيو إلى تركيا برفقة ترمب لحضور اجتماع الناتو
الاحتلال يدّعي أنه "سيؤمّن" نقل المساعدات إلى غزة.. وحماس تتهمه بارتكاب "جريمة حرب مركبة"
أردوغان مهنئاً بعيد الأم: لا نستطيع رد جميلهن
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us