في إحاطته أمام مجلس الأمن، أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خالد خياري، أن إسرائيل شنت مئات الغارات الجوية في جميع أنحاء سوريا منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.
وأشار خياري، في الجلسة التي عقدت استجابة لطلب الجزائر والصومال، إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن أيضاً أنه بنى العديد من النقاط العسكرية في منطقة الفصل في هضبة الجولان السورية المحتلة، وأن مسؤولين إسرائيليين تحدثوا أيضا عن نوايا إسرائيل للبقاء في سوريا في المستقبل المنظور.
وحذر خياري من أن "مثل هذه الحقائق على الأرض لا يمكن تبديلها بسهولة، إنها تهدد بالفعل عملية الانتقال السياسي الهشة في سوريا".
بدوره، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا إن "الوضع في منطقة عمليات قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أوندوف) لا يزال متقلبا، ولا يزال يتسم بانتهاكات كبيرة لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974، مع دخول الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة الفاصلة منذ 8 ديسمبر(كانون الأول) 2024".
وأشار المسؤول الأممي إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل بناء حواجز لمنع الحركة على طول خط وقف إطلاق النار، وشدد على أنه "يواصل فرض بعض القيود على حركة أفراد أوندوف ومجموعة مراقبي الجولان في منطقة الفصل.. كما تستمر القيود التي يفرضها على حركة السكان المحليين".
وأكد لاكروا أنه من الضروري أن تفي جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، مضيفا أن "جميع الإجراءات التي تتعارض مع الاتفاق غير مقبولة"، وشدد على ضرورة أن تتمتع قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بحرية الحركة في منطقة عملياتها، مؤكدا أن البعثة "تظل ضرورية لاستقرار الجولان والمنطقة".
تركيا: الهجمات الإسرائيلية تنتهك سيادة سوريا
وفي كلمة لها بالجلسة، أشارت نائبة المندوب التركي الدائم لدى الأمم المتحدة آصلي غوفن، إلى أنهم اجتمعوا الخميس، في وقت حرج بالنسبة لسوريا، وقالت إن "القرارات التي سيتخذها المجتمع الدولي ستحدد ما إذا كانت سوريا ستمضي نحو السلام والاستقرار، أو ما إذا كانت ستُجر مرة أخرى إلى الصراع والتفكك".
ولفتت غوفن إلى أن الإدارة السورية الجديدة أحرزت تقدماً ملحوظاً رغم كل الصعوبات، وأوضحت أن "هذه الخطوات تظهر إرادة الإدارة السورية في تنفيذ عملية انتقال سياسي بملكية وقيادة سورية، بما يتماشى مع توقعات شعبها".
غوفن، أشارت إلى أن السلطات السورية أكدت أيضا أنها لا تكن أي نوايا عدائية تجاه جيرانها، وأوضحت أنه على الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، تواصل إسرائيل هجماتها على سوريا.
وأضافت غوفن، أن الغارات الجوية الإسرائيلية غير المبررة واعتداءاتها البرية، تنتهك بذلك سيادة سوريا وتهدد الاستقرار الإقليمي.
وقالت: "يجب على هذا المجلس أن يتخذ إجراءات عاجلة لمنع المزيد من التصعيد"، وأردفت: "الأعمال العسكرية الإسرائيلية لا تقوض الأمن الداخلي لسوريا فحسب، بل تقوض الاستقرار الإقليمي أيضاً".
ولفتت غوفن، إلى أن الهجمات المذكورة أضعفت محاربة سوريا ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، كما أضرت بشكل مباشر بالجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب.
وشددت على أنه "يجب حماية سيادة سوريا وسلامة أراضيها ووحدتها بشكل كامل".
وأكدت غوفن، أن القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية في سوريا، مثل داعش و "PKK/YPG"، له أهمية حيوية من أجل الوحدة والسلام الدائم.
وتابعت: "تركيا مستعدة للتعاون مع سوريا في هذه المهمة الحيوية، والفشل في سوريا ليس خياراً، والانتقال السياسي الناجح ضروري ليس فقط لسوريا بل أيضاً للاستقرار الإقليمي".
وأردفت المسؤولة التركية: "يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية مشتركة في مساعدة الشعب السوري على التعافي بكرامة، والآن حان الوقت لإظهار التضامن الحقيقي".
من جهتها، قالت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة في الأمم المتحدة دوروثي شيا، إن سوريا المستقرة وذات السيادة أمر بالغ الأهمية للأمن الجماعين وأضافت أن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل مخاوفها بشأن تحول سوريا إلى "قاعدة للإرهاب".
وزعمت شيا أن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، بما في ذلك ضد المنظمات الإرهابية التي تعمل في المناطق القريبة من حدودها".
وأعربت عن ترحيبها ببيان سوريا بأنها لن تكون ملاذا للإرهاب أو جزءا من أي محور أو استقطاب أو متورطة في صراعات أو حروب تهدد أمن واستقرار المنطقة.
كما رحبت شيا، أيضا بالتصريحات الأخيرة الصادرة عن إسرائيل وتركيا، التي أكدتا فيها أنهما لا تسعيان إلى الصراع مع بعضهما البعض في سوريا.
من جانبه، لفت مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إلى أن إسرائيل نفذت أكثر من 700 هجوم على سوريا حتى الآن.
وقال نيبينزيا، إن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بأنهم سيبقون في سوريا "مثيرة للقلق"، وأكد أن هذه الإجراءات تشكل انتهاكات خطيرة لسيادة سوريا وسلامة أراضيها.
وبيّن نيبينزيا، أن "السلطات السورية لا تظهر أي موقف عدائي تجاه إسرائيل ولا تهدد أمنها القومي".
وفي 2 أبريل/ نيسان الجاري قتلت إسرائيل 9 مدنيين وأصابت 23 آخرين بقصف على محافظة درعا (جنوب)، كما شنت غارات جوية على أرياف مدن دمشق وحماة وحمص (وسط).
وقالت الخارجية السورية في اليوم التالي، إن القوات الإسرائيلية شنت غارات على 5 مناطق بأنحاء البلاد خلال 30 دقيقة، ما أسفر عن تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري.
وشددت على أن إسرائيل تقوض جهود التعافي في سوريا بعد الحرب، ودعت المجتمع الدولي إلى الضغط على تل أبيب لوقف عدوانها والالتزام باتفاقية فصل القوات.
ورغم أن الإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، لم تهدد إسرائيل بأي شكل، تشن تل أبيب بوتيرة شبه يومية منذ أشهر غارات جوية على سوريا، ما أدى لمقتل مدنيين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري.
وفي 8 ديسمبر 2024 أكملت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد، بينها 24 عاما تولى خلالها بشار الأسد الرئاسة (2000-2024).
وتحتل إسرائيل منذ العام 1967 معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد إسقاط نظام الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.