ووفق شهود عيان، داهمت القوات عدة أحياء في المدينة، واعتقلت الجاغوب من منزله في حي رفيديا. وبذلك، يرتفع عدد الأسرى المحررين الذين أُعيد اعتقالهم إلى تسعة، فيما لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز أربعة منهم، حسب ما أفادت به أماني سراحنة، مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني، التي اعتبرت أن هذه الخطوات تمثل تراجعاً من إسرائيل عن الاتفاقيات المبرمة سابقاً.

وفي إطار التصعيد المستمر، نفذت قوات الاحتلال سلسلة اقتحامات فجر اليوم الثلاثاء، في مدن وبلدات مختلفة من الضفة الغربية، واعتقلت عدداً من الفلسطينيين، في وقت تتواصل فيه الاعتداءات المتصاعدة من الجيش والمستوطنين.

تصعيد شامل في طولكرم: هدم وتهجير وتغيير ديموغرافي قسري

وتستمر قوات الاحتلال في عدوانها المكثف على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم المئة، بما في ذلك 87 يوماً من الاقتحام المتواصل لمخيم نور شمس، وسط خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات.

وأفادت مراسلة ميدانية بأن قوات الاحتلال نفذت عمليات تمشيط ليلية في شوارع المدينة وأحيائها، لا سيما في محيط دوار الشهيد ثابت ثابت، وأطلقت الرصاص الحي والقنابل الصوتية، واعتقلت الشابين عهد فتح الله الهمشري، وهو ضابط في الدفاع المدني، ووسام عصام عودة، بعد مداهمة منزليهما.

كما داهمت القوات منزل الأسير السابق هادي الهمشري، مدير التوجيه السياسي في طولكرم، وعبثت بمحتوياته. وخلال الاقتحامات، أحكمت قوات الاحتلال حصارها على المدينة ومخيميها، وحوّلت الأحياء إلى ثكنات عسكرية بعد الاستيلاء على عدد من المنازل وتهجير سكانها، وألحقت دماراً واسعاً بالبنية التحتية والممتلكات، وأغلقت المداخل بالسواتر الترابية.

يأتي ذلك بالتزامن مع بدء تنفيذ مخطط إسرائيلي لتغيير معالم المخيمات وتركيبتها السكانية، تمهيداً لإفراغها من سكانها. وقد أُخطر سكان المخيمين، الخميس الماضي، بهدم 106 منازل، بينها 58 في مخيم طولكرم و48 في مخيم نور شمس، وبدأ الاحتلال فعلياً بهدم 15 بناية سكنية في حارة المنشية بالمخيم.

وفي الليلة الماضية، أعلن الاحتلال نيته هدم 19 بناية أخرى تضم أكثر من 50 وحدة سكنية، وأمهل الأهالي ساعتين فقط لإخلاء ممتلكاتهم، رغم التنسيق المسبق معهم، لكن القوات عرقلت دخولهم وهددتهم، وهاجمتهم بالرصاص والقنابل، بما في ذلك طواقم الإسعاف.

ووصف محافظ طولكرم عبد الله كميل عمليات الهدم بأنها "سادية"، مشيراً إلى أنها تمثل عقلية إجرامية تهدف إلى تعميق معاناة السكان ودفعهم للنزوح القسري. ودعا المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية إلى التحرك العاجل لوقف العدوان المتواصل على طولكرم ومخيميها.

في الوقت ذاته، تستمر قوات الاحتلال في الاستيلاء على منازل في شارع نابلس والحي الشمالي، وتحويلها إلى مواقع عسكرية، مع تمركز آلياتها فيها. وأسفر هذا التصعيد عن استشهاد 13 مواطناً، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل، فضلًا عن إصابة واعتقال العشرات، وتدمير البنية التحتية والممتلكات، واحتراق ونهب عدد من المنازل والمحال التجارية والمركبات.

كما تسببت الاعتداءات في تهجير قسري لأكثر من 4200 عائلة، تضم ما يزيد على 25 ألف مواطن، وتدمير 396 منزلًا بشكل كامل، وتضرر 2573 منزلاً جزئياً، مع استمرار إغلاق المداخل والأزقة بالسواتر الترابية.

استمرار الحصار والدمار في جنين ومخيمها

تشهد مدينة جنين ومخيمها، منذ 107 أيام، عدواناً متواصلاً، يشمل عمليات تجريف وتدمير ممنهج للمنازل والبنية التحتية، وفرض حصار مشدد يمنع الدخول إلى المخيم. وأفادت بلدية جنين بأن نحو 600 منزل هُدم كلياً في المخيم، فيما تضرر معظم المنازل الأخرى جزئياً وأصبحت غير صالحة للسكن، مع استمرار إطلاق النار بكثافة.

وأدى العدوان إلى دمار واسع في منشآت المدينة، خصوصاً في الحي الشرقي وحي الهدف، بالتزامن مع دفع الاحتلال بتعزيزات عسكرية إضافية، وانتشار فرق مشاة في عدد من الأحياء. وأجبرت الاعتداءات مئات العائلات على النزوح، وقدّر عدد المهجّرين من المدينة والمخيم بأكثر من 22 ألف شخص.

وتفاقمت الأزمة الاقتصادية في المدينة، مع تراجع الحركة التجارية نتيجة الإغلاقات وتدمير الشوارع والبنية التحتية، وتسجيل خسائر جسيمة في المحال التجارية.

كما واصلت قوات الاحتلال تنفيذ حملات اعتقال ومداهمة في بلدات اليامون، وسيلة الحارثية، ورمانة، وأسفرت عن اعتقال عدد من الشبان، في وقت ارتفع فيه عدد الشهداء منذ بدء العدوان في 21 يناير/كانون الثاني إلى 40 شهيداً، بالإضافة إلى عشرات الإصابات والمعتقلين.

وبالتوازي مع الإبادة الجماعية في غزة، صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 960 فلسطينياً، وإصابة قرابة 7 آلاف آخرين، إضافة إلى تسجيل 16 ألفاً و400 حالة اعتقال، وفق معطيات فلسطينية.

وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 171 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.